اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 361
الصمد الفرد الذي ليس له شريك في الوجود والألوهية والربوبية وتيقنوا انه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ مظهر لكم وكذا لعموم ما ظهر وما بطن غيبا وشهادة غَيْرُهُ بل الألوهية محصورة عليه مقصورة له منحصرة بذاته إذ لا شيء سواه ولا يستحق للعبادة الا هو وَعليكم ايها المأمورون من عنده بالاعتدال والاقتصاد في جميع الأخلاق والأفعال والأحوال ان لا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ لبنى نوعكم إِنِّي أَراكُمْ وأخبركم بِخَيْرٍ اى سعة ورفاهية فائضة من الله عناية لكم وتفضلا عليكم فعليكم ان تزيدوها وتديموها بالشكر والإنصاف والانتصاف على مقتضى ما أمرتم به من عند ربكم وَان لم تسمعوا منى نصحى ولم تقبلوا قولي إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ من غيرة الله ومن كمال قهره وسطوة جلاله عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ فيه عذابه على عموم اهل الزيغ والضلال المنحرفين عن جادة الاعتدال
وَبعد ما قدم المنهي للعناية والاهتمام بشأنه اردفه بالمأمور للتأكيد والمبالغة وزيادة التقرير والاحكام كأنه قد استدل عليه لمزيد اشفاقه بهم وكمال مرحمته إياهم فقال يا قَوْمِ ان أردتم خير الدارين ونفع النشأتين أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ على عباد الله لا تزيدوا عليهما ولا تنقصوا منهما إذ كلا الطرفين مذمومان بلا وفيهما فاوفوهما بِالْقِسْطِ والعدل السوى وَعليكم ان لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ في حال من الأحوال وَبالجملة لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ولا تظهروا عليها بالمكر والخداع والحيف والبخس والتطفيف
وبالجملة بَقِيَّتُ اللَّهِ التي قد قدرها لعباده في حضرة علمه خَيْرٌ لَكُمْ ومزيد لأموالكم من تطفيفكم وتنقيصكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله وبكمال تدبيراته وتقديراته وَاعلموا يا قوم ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ احفظكم عن جميع ما لا يعنيكم بل ما انا الا مبلغ ما أرسلت به إليكم فلكم الامتثال والتوفيق من الله الكبير المتعال
ثم لما سمعوا منه ما سمعوا قالُوا له مستهزئين متهكمين يا شُعَيْبُ المدعى دعوة الخلق الى الحق أَصَلاتُكَ الكثيرة التي تصليها في خلواتك تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا من الأصنام والأوثان أَوْ أَنْ نَفْعَلَ ونتصرف فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا يعنى أتأمرك صلاتك ان نترك أفعالنا التي قد كنا عملنا بها في ازدياد أموالنا وبضائعنا حسب ارادتنا واختيارنا إِنَّكَ ايها الداعي للخلق الى الحق لَأَنْتَ الْحَلِيمُ ذو الحلم والكرم لا تعجل في الانتقام الرَّشِيدُ العاقل الكامل الكافل لا تتكدر بأمثال هذه الأوهام
وبالجملة ما قالوا له أمثال هذا الا استهزاء وسخرية قالَ شعيب عليه السّلام بعد ما تفرس بنور النبوة استهزاءهم يا قَوْمِ الساعين للباطل المصرين عليه أَرَأَيْتُمْ أخبروني إِنْ كُنْتُ
قد جئت لكم ملتبسا عَلى بَيِّنَةٍ مصدقة لي ناشئة مِنْ قبل رَبِّي معجزة لعموم من يقابلني ويعارضني وَمع ذلك قد رَزَقَنِي مِنْهُ اى من عنده سبحانه رِزْقاً حَسَناً معنويا وصوريا وروحانيا وجسمانيا فهو لا يليق بمثلي ان يفترى عليه سبحانه وينسب اليه امر ما لم يوح اليه من عنده كذبا او بهتانا وَاعلموا ايضا انى ما أُرِيدُ بنهي لكم عن التطفيف والتبخيس أَنْ أُخالِفَكُمْ فيما أنتم عليه وارجع انا بنفسي إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ لاستبد واتخصص به وبالجملة ما هذا الا إفساد وميل عن جادة الحق وصراط الله الا قوم فكيف يميل سيما الموحد المؤيد من عند الله بأنواع اللطف والكرم واصناف المعجزات الخارقة للعادات الى أمثال هذا بل إِنْ أُرِيدُ وما اقصد إِلَّا الْإِصْلاحَ مقدار مَا اسْتَطَعْتُ وَما انا متكفل للإصلاح ايضا ومدّع للاستقلال به إذ ما تَوْفِيقِي وليس اقتدارى وتمكينى وما حولي وقوتي
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 361